وأضاف السكنفل، أنه “يمكن الاستئناس بالذكاء الاصطناعي في الوصول إلى الفتاوى التي صدرت عن علماء الأمة منذ عهد الصحابة رضوان الله عليهم إلى اليوم، خصوصا ما تعلق منها بالفتاوى المرتبطة بالشعائر التعبدية؛ كالطهارة والصلاة والزكاة والصوم والحج، أو ما تعلق منها بكليات الدين التي أجمعت الأمة عليها، سواء في مجال الأسرة أم المعاملات المالية أو السياسة الشرعية وغيرها، بعيدا عن تحريم الحلال أو تحليل الحرام أو المساس بقطعيات الدين”.
أما فيما يتعلق بالنوازل الفقهية، فأكد المتحدث ذاته أنه “لا بد من اللقاء بين المستفتي والمفتي. ولهذا، فلا يجوز الاعتماد على الذكاء الاصطناعي لإصدار الفتوى، لأن النوازل الفقهية تختلف باختلاف أحوال المستفتين”.
وشدد رئيس المجلس العلمي المحلي لعمالة الصخيرات-تمارة على أن “احتمال وجود الخطأ في الفتوى في النوازل التي تنزل بالناس أفرادا بواسطة الذكاء الاصطناعي وارد جدا؛ لأن أحوال الناس تختلف من شخص إلى آخر، والاستدلال على كل نازلة يختلف حسب الفتوى المتعلقة بواقع المستفتي وحاله، فلا بد من اللقاء بين المستفتي والمفتي، وتكون تلك الفتوى خاصة بالمستفتي دون غيره، مراعاة لحاله وواقعه. وقد غيّر الإمام الشافعي بعض أقواله في عدد من المسائل بين إقامته في العراق وإقامته في مصر لاختلاف أحوال الناس في البلدين”.
وأكد السكنفل أنه “إذا وقع الخطأ في الفتوى المستندة إلى الذكاء الاصطناعي، وجب على المستفتي مراجعة هيئة الإفتاء في بلده لتنظر في النازلة وتصدر الفتوى الصحيحة بناء على حاله وواقعه، وتكون تلك الفتوى مستندة إلى فقه النص وفقه الواقع وفقه التنزيل، وهادفة إلى إيجاد مخرج يرفع عن المستفتي حيرته التي دفعته إلى طلب الفتوى”.
وتابع لحسن بن إبراهيم السكنفل بأن “الذكاء الاصطناعي يعتمد على قاعدة بيانات ضخمة، إذ يمكن لمستعمله أن يجد فتوى عن سؤال مرتبط بأحكام الشريعة؛ إلا أن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي قد يفوّت على المستفتي الوصول إلى الفتوى الصحيحة التي توافق حاله. وهذا ما يجعل الفتوى المستندة إلى الذكاء الاصطناعي بعيدة عن الجواب الصحيح”.
وذكر رئيس المجلس العلمي المحلي لعمالة الصخيرات-تمارة أن “الاجتهاد الفقهي يستند، في منظور علماء الشريعة، إلى مَلَكَة علمية ناتجة عن الدراسة الطويلة على أيدي علماء متمكنين من علوم الشريعة وكل ما يتعلق بها من علوم خادمة كعلوم اللغة. إضافة إلى ذلك، يكتسب طالب العلم أثناء دراسته على أيدي العلماء ومُدارسته لكتب السابقين ملكة تجعله يعرف معنى الدليل الشرعي والحقيقة الشرعية وكل ما يتعلق بها من دلالات الألفاظ؛ مما يمكّنه من القدرة على استنباط الدليل من مصادره في تناغم كبير مع تحقيق المناط بإزاء فقه واقع الناس المتغير، واستحضار حكمة الشارع في رفع المشقة ودفع الحرج، مع التأكيد على حاكمية الشريعة كما أنزلها الباري تعالى، ويضيف إلى كل هذا فقها لتنزيل الحكم على الواقع تنزيلا يجعل حياة الناس متسمة باليسر والرحمة”.
عن جريدة هسبريس